المشاركات الشائعة

الخميس، 17 نوفمبر 2016

"أكذوبة لم يرى عاريا بعدها"


"أكذوبة لم يرى عاريا بعدها"

خرافة انحلال الازار
هذا، وبعد كل ما تقدم، فإننا نواجه هنا أكذوبة مفضوحة، ليس الهدف منها إلا الحط من كرامة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والإساءة لمقامه الأقدس، من أولئك الذين لما يدخل الايمان في قلوبهم، ولم يسلموا وانما استسلموا، وأقسموا على العمل على دفن ذكر محمد، وطمس اسمه ودينه. ولكن الله يأبي إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. وتلك الأكذوبة التي هي واحدة من مئات أمثالها، مما تقشعر له الأبدان، ويشتد له غضب الرحمان، هي التالية:
روى الشيخان، وغيرهما من المؤلفين في التاريخ والحديث، ممن تجمعهم معهما رابطة الدين، والسياسة، والصنعة - والنص للبخاري -:
(أن رسول الله) صلى الله عليه وآله وسلم) كان ينقل معهم الحجارة للكعبة، وعليه إزاره، فقال له العباس عمه: يا ابن أخي لو حللت إزارك فجعلت على منكبيك دون الحجارة؟..
قال: فحله، فجعله على منكبيه، فسقط مغشيا عليه. فما رؤي بعد ذلك عريانا.
وفي رواية أخرى للبخاري في كتاب الحج: (فخر إلى الأرض، فطمحت عيناه، فقال: أرني إزاري، فشده عليه).
ونحن لا نشك أن ذلك مختلق ومفتعل، ونكتفي بالإشارة هنا إلى ما يلي:
أولا: إن ثمة تناقض ظاهر بين هذه الروايات، الامر الذي يذكرنا بالمثل المشهور: (لا حافظة لكذوب). وكمثال على ذلك نذكر:
أن رواية تقول: إن تعريه (ص) كان وهو صغير، حينما كان يلعب مع الصغار، وكلهم قد تعرى، وهم أيضا ينقلون الحجارة للعب، فلكمه لاكم لا يراه، وقال: شد عليك إزارك .
وفي أخرى: أن ذلك كان حينما كان عمه أبو طالب يصلح زمزم، فأمر بالستر، من قبل متكلم لا يراه.
وثالثة تذكر: أن ذلك كان حين بناء البيت، وهي المتقدمة. ومعنى ذلك أن عمره كان ٣٥ سنة.
ونوع آخر من الاختلاف، وهو: أن النمرة قد ضاقت عليه، فذهب يضعها على عاتقه، فبدت عورته، لصغر النمرة، فنودي: يا محمد، خمر عورتك. فلم ير عريانا بعد ذلك.
وأخرى تقول: إن العباس طلب منه أن يضع إزاره عن عاتقه .
ورواية تقول: صرع. وأخرى: لكم، وثالثة: أغمي عليه. إلى آخر ما هنا لك من وجوه الاختلاف.
طريق جمع فاشل:
وقد حاول العسقلاني والحلبي الجمع بين الروايات:
فقال العسقلاني: إن النهي السابق لم يكن يفهم منه الشمول لصورة الاضطرار العادي. وحين بناء البيت اضطر إلى ذلك، فرأى أن لا مانع من التعري حينئذ.
وهكذا يبذل هؤلاء المحاولات لاثبات هذا الامر الشنيع على الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، لان ذلك قد ورد في صحيح البخاري، وهو الكتاب المقدس عندهم، بل هو أصح شئ بعد القرآن.
بل إن القرآن فيه تحريف ونسخ للتلاوة وغيرها عندهم. أما البخاري فيجل عن ذلك!!
مع أنه قد فات العسقلاني هنا: أنه قد جاء في رواية أبي الطفيل:
(فما رؤيت له عورة قبل ولا بعد) .
هذا كله عدا عن أنه هو نفسه يذكر: أنه (ص) كان مصونا عما يستقبح قبل البعثة وبعدها  ثم جاء الحلبي، وقال: إن من الممكن أن تكون عورته (ص) قد انكشفت، لكن لم يرها أحد حتى العباس .
ولكن ما يصنع الحلبي بعبارة البخاري، وغيره، والتي تنص على أنه: ما رؤي بعد ذلك عريانا.
وعبارة أبي الطفيل: ما رئيت له عورة قبل ولا بعد.
وثانيا: ومما يكذب ذلك: ما ورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) - وكأنه تنبأ عما سوف يقال زورا، وبهتانا عنه -: من كرامتي على ربي: أن أحدا لم ير عورتي. أو ما هو قريب من هذا .
وثالثا: لقد قال عنه أبو طالب (عليه السلام)، قبل بناء البيت بعشر سنوات: أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يوزن برجل إلا رجح به، ولا يقاس به أحد إلا وعظم عنه الخ. فكيف إذن يقدم هذا الرجل العظيم على التعري أمام الناس، حين حمله الحجارة للكعبة؟!.
ورابعا: إن ثمة روايات تفيد: أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مصونا من رؤية عورته حتى بالنسبة لأزواجه، فعن عائشة: ما رأيت عورة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قط، أو نحو ذلك .
وإن كانت قد عادت فذكرت: أن زيد بن حارثة قرع الباب، فقام إليه رسول الله يجر ثوبه عريانا، قالت: (والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده، فاعتنقه، وقبله) .
لكن نصا آخر يقول: (فما رأيت جسمه قبلها) . وهذا هو الأقرب إلى الصواب، بملاحظة ما قدمناه وما سيأتي.
وخامسا: في حديث الغار: أن رجلا كشف عن فرجه، وجلس يبول، فقال أبو بكر: قد رآنا يا رسول الله، قال: لو رآنا لم يكشف عن فرجه .
وهذا يدل على أن المشركين كانوا يستقبحون أمرا كهذا، ولا يقدمون عليه، فكيف فعله الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
وسادسا: لقد روي أنه (ص) كان أشد حياء من العذراء في خدرها ، فهل العذراء الخجول تستسيغ لنفسها التعري أمام الناس.

#كتاب 📗 الصحيح في السيرة / جعفر العاملي ..

"حديث شق الصدر"

"حديث شق الصدر"
أخرج مسلم بن الحجاج: (عن أنس بن مالك:
أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتاه جبرئيل، وهو يلعب مع الغلمان، فاخذه وصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم. غسله في طست من ذهب، بماء زمزم، ثم لامه، ثم أعاده في مكانه. وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئره - فقالوا: إن محمدا قد قتل. فاستقبلوه، وهو منتقع اللون.
قال أنس: (وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره) .
وكان ذلك هو سبب إرجاعه صلى الله عليه وآله إلى أمه .
وكتب الحديث والسيرة عند غير الامامية لا تخلو عن هذه الرواية غالبا. بل قد ذكروا أنه قد شق صدره صلى الله عليه وآله خمس مرات، أربع منها ثابتة: مرة في الثالثة من عمره، وأخرى في العاشرة، وثالثة عند مبعثه، ورابعة عند الاسراء، والخامسة فيها خلاف.
توجيه غير وجيه:
ويقولون: إن تكرار شق صلى الله عليه وآله إنما هو زيادة في تشريفه عليه الصلاة والسلام.
فإننا نرى: أنها عند غير المسلمين، إما مبعث تهكم وسخرية، وإما دليل لاثبات بعض عقائدهم الباطلة، والطعن في بعض عقائد المسلمين.
ونرى فريقا ثالثا يعتبر الرواية موضوعة، من قبل من أراد أن يضع التفسير الحرفي لقوله تعالى: (ألم نشرح لك صدرك، ووضعنا عنك وزرك) .
واعتبرها صاحب مجمع البيان أيضا (مما لا يصح ظاهره، ولا يمكن تأويله إلا على التعسف البعيد، لأنه كان طاهرا مطهرا من كل سوء وعيب، وكيف يطهر القلب وما فيه من الاعتقاد بالماء؟)
ونجد آخر يحاول أن يناقش في سند الرواية. ونظره فقط إلى رواية ابن هشام، عن بعض أهل العلم، ولكنه لم يعلم أنها واردة في صحيح مسلم بأربعة طرق. ولو أنه اطلع على ذلك لرأينا له موقفا متحمسا آخر؟ لأنها تكون حينئذ كالوحي المنزل، على النبي المرسل.
رأينا في الرواية:
ونحن هنا نشير إلى ما يلي:
١ - إن ابن هشام وغيره يذكرون: أن سبب إرجاع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أمه، هو أن نفرا من الحبشة نصارى، رأوه مع مرضعته، فسألوا عنه، وقلبوه، وقالوا لها: لنأخذن هذا الغلام، فلنذهبن به
إلى ملكنا وبلدنا الخ .
وبذلك تصير الرواية المتقدمة التي تذكر أن سبب إرجاعه إلى أمه هو قضية شق الصدر محل شك وشبهة.
٢ - كيف يكون شق صدره (صلى الله عليه وآله وسلم) هو سبب إرجاعه إلى أمه، مع أنهم يذكرون: أن هذه الحادثة قد وقعت له (صلى الله عليه وآله وسلم) وعمره ثلاث سنين، أو سنتان وأشهر. مع أنه إنما أعيد إلى أمه بعد أن أتم الخمس سنين.
٣ - هل صحيح أن مصدر الشر هو غدة، أو علقة في القلب، يحتاج التخلص منها إلى عملية جراحية؟!.
وهل يعني ذلك أن باستطاعة كل أحد - فيما لو أجريت له عملية جراحية لاستئصال تلك الغدة - أن يصبح تقيا ورعا، خيرا؟!.
أم أن هذه الغدة أو العلقة قد اختص الله بها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وابتلاه بها دون غيره من بني الانسان؟!. ولماذا دون غيره؟!.
٤ - لماذا تكررت هذه العملية أربع، أو خمس مرات، في أوقات متباعدة؟ حتى بعد بعثته (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدة سنين، وحين الاسراء والمعراج بالذات؟!
فهل كانت تلك العلقة السوداء، وحظ الشيطان تستأصل، ثم تعود إلى النمو من جديد؟! وهل هي من نوع مرض السرطان الذي لا تنفع معه العمليات الجراحية، والذي لا يلبث أن يختفي حتى يعود إلى الظهور بقوة أشد، وأثر أبعد؟!.
ولماذا لم تعد هذه العلقة إلى الظهور بعد العملية الرابعة أو
الخامسة، بحيث يحتاج إلى السادسة، فالتي بعدها؟!. ولماذا يعذب الله نبيه هذا العذاب، ويتعرض لهذه الآلام بلا ذنب
جناه؟! ألم يكن بالامكان أن يخلقه بدونها من أول الأمر؟!.
٥ - وهل إذا كان الله يريد أن لا يكون عبده شريرا يحتاج لأعمال قدرته إلى عمليات جراحية كهذه، على مرأى من الناس ومسمع؟!.
وتعجبني هذه البراعة النادرة لجبرئيل في إجراء العمليات الجراحية لخصوص نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم).
وألا تعني هذه الرواية: أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مجبرا على عمل الخير، وليس لإرادته فيه أي أثر أو فعالية، أو دور؟:!، لان حظ الشيطان قد أبعد عنه بشكل قطعي وقهري، وبعملية جراحية، كان أنس بن مالك يرى أثر المخيط في صدره الشريف!!.
٦ - لماذا اختص نبينا بعملية كهذه ولم تحصل لأي من الأنبياء السابقين عليهم الصلاة والسلام ؟ أم يعقل أم محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم)، أفضل الأنبياء وأكملهم، كان فقط بحاجة إلى هذه العملية؟!
الجراحية؟! وإذن، فكيف يكون أفضل وأكمل منهم؟ أم أنه قد كان فيهم أيضا للشيطان حظ ونصيب لم يخرج منهم بعملية جراحية؟ لان الملائكة لم يكونوا قد تعلموا الجراحة بعد؟!.
٧ - وأخيرا، أفلا ينافي ذلك ما ورد في الآيات القرآنية، مما
يدل على أن الشيطان لا سبيل له على عباد الله المخلصين: (قال: رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض، ولأغوينهم أجمعين. إلا عبادك منهم المخلصين .
وقال تعالى: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) وقال: (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا، وعلى ربهم يتوكلون ).

#كتاب 📗 الصحيح في السيرة / جعفر العاملي ..