هل هذا نقد علمي أم قاموس شتائم !!
السؤال : السلام عليكم شيخ حيدر اتصور بلغك تطاول بعض أئمة المساجد على الشيخ الوحيد ( دام ظله ) لأنه اعتبر نفسه كلب لأهل البيت (عليهم السلام) و قد علق بعض الطلاب العلم حول كلام الشيخ وهل هو مقبول أولا ولكن لم يصل لي تعليق لك فما تقول ؟
الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
كنت في أحد القروبات وهو يضم جملة من طلاب العلم وفيهم الفضلاء ، فطُرحت هذه القضية و نقل بعضهم عن سماحة العلامة السيد منير الخباز (حفظه الله) أنه أجاب بالتالي : إنه موافق للكناية المستخدمة في الأدب الفارسي من التذلل وهي كناية شائعة ومقبولة في خلفيتها ، نعم هي قبيحة في الأدب العربي ولكن لا يصح محاكمة كنايات ثقافة ولغة معينة وفق ثقافة أخرى .
والغريب أن مقام الشيخ الوحيد ( أنار الله برهانه ) لا ينكر و موقعيته فوق أن تُعرف وتُبين ، و أياديه الكريمة في خدمة الدين وطلاب العلم والمؤمنين لم تستثن موقعاً أو جهة أو فرداً إلا أن أغلب طلاب العلم أخذهم السكوت وبعضهم حاول إغلاق الموضوع دون إبداء أي إنكار مع أن ما وقع كان استخفافا واستهزاء بمرجع من المراجع الكبار ، ومن شخص عرف عنه ذلك كمنهج ، وباسلوب مجانب للأدب وضوابط الشرع ، ولا تقبله قيم التقدم والحضارة والوعي في نقد الآخر مهما كان طرحه مخالفاً ، ولكي لا نظلم الكل فهناك أفراد قليلون جداً أظهروا الاستياء والشجب ، و المقصر كاتب هذه الأسطر منهم حيث قلت مؤيداً لما نقل عن سماحة السيد المنير : جواب سماحة السيد منير لطيف جدا
وبعد ذلك بينت وجه تأييدي فقلت :
من الخطأ محاكمة شخص بعرف وثقافة مخالفة للثقافة التي يتكلم على وفقها ولعلنا نجد ذلك ماثلا في كلام نفس المتهجم على الشيخ الوحيد ( حفظه الله ) فإنه قال: ( يقول هذا المتحدث (وإلا فلسنا حتى في مقام كلب مد على اعتاب دارهم ذراعيه وهز أمامهم ذنبه ).
هذا منطق عالم !
هم يعني رادونه انقتل الحسين حتى نكون كلاب أو لنكون في أعلى درجات الشرف والكرامة ... شنهو قاعدين يسوون بينا ذوله سنين مرت عشر سنوات جايين نكملها في الحامع و أنا أقول مايزوا بين العمائم مايزوا بينها بعضها غث مطوية على السوء أما بعضها نتشرف بالغبار الذي يقع عليها لأنها تحمل العلم الصافي من منابعه وتتحرك من أجل الشرف والكرامة التي أرادها الحسين بن علي ... تريد تصير كلب تبصبص بذنبك براحتك بس لا تلصقها بأهل البيت أهل البيت لا يتشرفون بالكلاب ...).
وفي عبارته هذه ورد تعبير ( بعضها نتشرف بالغبار الذي يقع عليها ) فهل ابن آدم يتشرف بالغبار!! وهل في ذلك الكرامة التي كان المتحدث يصرخ بأعلى صوته مطالبا بها !! ومنافحا عنها !! هل قاتل المعصومون وجاهدوا واستشهدوا لنتشرف بالغبار!!
إن كلامه هذا لو عرض على شخص من خارج ثقافتنا و أراد أن يحاكمه وفق الدلالات الوضعية و ثقافته الخاصة لقال بأن المتحدث أولى بالأوصاف التي ساقها في الشيخ ( حفظه الله) منه لأن الشيخ تحدث عن كلب ، وهو عن غبار والغبار دون الكلب، في سلسلة الوجود ومراتبه.
كما أن الشيخ (حفظه الله) قال ذلك بالنسبة إلى أشرف الخلق والمتحدث بالنسبة إلى المعممين من غيرهم عليهم السلام.
وبهذا يحق لغير المأنوس بثقافتنا أن يخاطب المتهجم قائلاً : (تريد تتشرف بالغبار وتلطخ وجهك به وتتمسح براحتك بس لا تلصقها بأهل البيت أهل البيت لا يتشرفون بمن يتشرف بالغبار وإنما هم يردون منا صناع الحضارة ، نحول التراب والغبار إلى عالم متقدم في جمع مجالات الحياة لا أ، نقبع فوق العمائم نبحث عن حبة غبار هنا أو تراب هناك ) وغير ذلك من المزايدات التي تنطلي على البسطاء الذين لا يتجاوزون عذوبة اللفظ إلى قيمة المعنى .
ثم تعرضت إلى ما قد يقال من أن ذلك إذلالا للنفس فقلت :
وبهذا يتضح ما في اعتبار ذلك إذلالا ، فالخلاف صغروي يرجع إلى النظر العرفي وهو يختلف باختلاف الأعراف والثقافات وملاحظة من يُتذلل له فرب تذلل هو بنظر العرف من كمال الادب ومصداق لتعظيم الله وتعظيم الاولياء ، وكيف كان ما صدر من الشيخ (حفظه الله) لا يستوجب أن يقول المتحدث (أصلح الله حاله) في سياق الحديث عنه والرد عليه : (مايزوا بين العمائم مايزوا بينها بعضها غث مطوية على السوء).
وهنا أضيف عدة أمور :
الأمر الأول : هو أنه رب فعل أو لقب يكون بالنسبة إلى عرف وشخص حسنا وبالنسبة إلى عرف وشخص آخر قبيحا ، فمن يقبل يد أو رجل خادمه يعتبر مهيناً لنفسه وأما من يقبل يد أو رجل والدته ، ففي كثير من الأعراف فعله قمة البر والوفاء ويدل على سمو الروح بخصالها الحميدة ، والمعصوم هو أعظم شأناً وحقاً من الوالدة ولهذا قد يكون الفعل أو اللقب مهينا مع غيره وليس كذلك معه ، ولعل رواية ابن يقطين تبين ذلك جلياً :
ففي البحار ج 48 ص 85 : عن محمد بن علي الصوفي قال : استأذن إبراهيم الجمال رضي الله عنه على أبي الحسن علي بن يقطين الوزير فحجبه ، فحج علي بن يقطين في تلك السنة فاستأذن بالمدينة على مولانا موسى بن جعفر فحجبه ، فرآه ثاني يومه فقال علي بن يقطين : يا سيدي ما ذنبي ؟ فقال : حجبتك لأنك حجبت أخاك إبراهيم الجمال وقد أبى الله أن يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمال ، فقلت : سيدي ومولاي من لي بإبراهيم الجمال في هذا الوقت وأنا بالمدينة وهو بالكوفة ؟ فقال : إذا كان الليل فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك و غلمانك واركب نجيبا هناك مسرجا قال : فوافي البقيع وركب النجيب ولم يلبث أن أناخه على باب إبراهيم الجمال بالكوفة فقرع الباب وقال : أنا علي بن يقطين . فقال إبراهيم الجمال من داخل الدار : وما يعمل علي بن يقطين الوزير ببابي ؟ ! فقال علي بن يقطين : يا هذا إن أمري عظيم وآلى عليه أن يأذن له ، فلما دخل قال : يا إبراهيم إن المولى عليه السلام أبى أن يقبلني أو تغفر لي ، فقال : يغفر الله لك فآلى علي بن يقطين على إبراهيم الجمال أن يطأ خده فامتنع إبراهيم من ذلك فآلى عليه ثانيا ففعل ، فلم يزل إبراهيم يطأ خده وعلي بن يقطين يقول : اللهم اشهد ، ثم انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفر عليه السلام بالمدينة فأذن له ودخل عليه فقبله .
إن ما فعله إن يقطين لم يكن إذلالاً قبيحاً بل حسناً وترتب عليه قبول الإمام الكاظم (عليه السلام) له ، وذلك لأنه إذلال للنفاس أمام خليفة الله تعالى الذي أسجد الله له جميع صنوف الملائكة .
ومن ذلك ما نقل عن السيد الخميني ( رحمه الله) في 100 كلمة عرفانية 54- من أنه قال : من المؤسف جداً آلاف المرات أنّي قدمت إلى هذا العالم وأنا مستغرق في بحار هوى النفس، وملتصق بالأرض المادية، ومقيّد بالشهوات وأسير للبطن والفرج، وغافل عن عالم مُلك الوجود، وسكران بسكر الأنانية والذاتية. من المؤسف أني سأفارق هذا العالم، ولم أدرك شيئاً من محبّة الأولياء، ولم أفهم شيئاً أبداً من جذباتهم وجذواتهم ومنازلهم ومغازلاتهم، بل كان حضوري في هذا العالم حضوراً حيوانياً، وحركاتي حركات حيوانيةً وشيطانية. وعليه فسيكون موتي أيضاً حيوانياً وشيطانياً.
اللهمّ إليك المشتكى وعليك المعوّل. إلهي! أنقذنا بنور هدايتك، وأيقظنا من هذا النوم العميق، وخذ بأيدينا إلى عالم الغيب والنور ودار البهجة والسرور، ومحفل الأنس، والخلوة الخاصة بك.
http://www.almaaref.org/maarefdetails.php?id=12002&subcatid=1688&cid=507&supcat=48
فإن هذا التعبير من هذا العارف الكبير إذلال للنفس وتوهين لها ووصف بالحيوانية وبيان لتقصيرها في حضرة القدس تعالى ، وليس ذلك قبيحاً ، وإنما هو من تمام الوفاء والأدب كما لا يخفى على العارف بالله وأوليائه ، وأساليب التعبير العرفية ومعانيها المقصودة .
الأمر الثاني : هو أن وصف النفس بالكلب كان شائعاً جداً في ثقافة الفرس وعند بعض العلماء الأعلام لما فيه من ظهور عرفي في الوفاء وإذلال النفس للأولياء بالنحو الحسن عقلائياً ، وهنا سوف أنقل لك أخي السائل جملة من التسميات المشهورة :
1ـ كلب علي فقيه إمامي . له رسالة في صلاة الجمعة ، اختار فيها الوجوب مع وجود الفقيه الجامع للشرائط مستدلا بظواهر الآيات والأخبار الصحيحة ، واحتمل الطهراني اتحاده مع كلب علي الذي ألَّف للسلطان عباس الصفوي ( المتوفّى 1038 ه ) كتاب خلاصة التلخيص في المعاني والبيان وفرغ منه سنة ( 1007 ه ) ، واحتمل أيضا اتحاده مع كلب علي ابن نوروز علي التبريزي مؤلف رسالة تجويد القرآن . طبقات أعلام الشيعة 5 / 466 ، 467 الذريعة 15 / 78 برقم 513 ، و 3 / 373 برقم 1354 ، راجع موسوعة طبقات الفقهاء ج11ص 435
2ـ جاء في ترجمة : 3642 الكمرئي ( . . - 1115 ه - ) جعفر بن عبد اللَّه بن إبراهيم الحويزي الأصل ، الكمرئي الأصفهاني ، القاضي ، أحد أعلام الإمامية : وأخذ وروى عنه آخرون ، منهم : محمد رفيع بن فرج الجيلاني ، ومحمد أكمل البهبهاني ، ومحمد زمان بن كلب علي التبريزي .
موسوعة طبقات الفقهاء ج 12 ص 87 .
3ـ وقال محقق كتاب إرشاد الأذهان للعلامة الحلي حول كتابه الأبحاث المفيدة : الأبحاث المفيدة في تحصيل العقيدة . وهو في الكلام . ذكره المصنف في الخلاصة ، وفي الإجازة : الأبحاث المفيدة
في تحقيق العقيدة ، وقد شرحه الشيخ ناصر بن إبراهيم البويهي الأحسائي من أعلام القرن التاسع ، والحكيم الحاج ملا هادي السبزواري من أعلام القرن 13 .
من أهم نسخه : نسخة في المكتبة الوطنية في طهران ، ضمن المجموعة رقم 1946 ، كتبها محمد جواد بن كلب علي في سنة 1090 ، ذكرت في فهرسها 10 / 630 . راجع الإرشاد ج1 ص 68 .
4ـ وذكر محقق كتاب كشف اللثام في معرض بيان نسخ الكتاب : النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة آية الله العظمى السيد النجفي المرعشي العامة بقم تحت رقم 5664 ، ضمت بين دفتيها كتاب الطهارة ، كتبها محمد إبراهيم بن كلب علي الخوانساري ، واتفق الفراغ من نسخها في العشرين من شهر شعبان المعظم سنة أربع وستين ومأتين بعد الألف من الهجرة النبوية . رمزنا لها بالحرف ( م ) . راجع كشف اللثام ج1 ص 75.
5ـ وقال مقرر كتاب مطارح الأنظار : تم ما أفاده قدس سرّه في مسألة المجمل والمبين ولعمري نعم ما أفاد ممّا لم يسبقه ويتلوه الكلام في الأدلة العقلية حرّره العبد الحقير الفقير أقلّ الطَّلاب كلب علي القزويني في سنة 1307 من الهجرة النبوية وعلى هاجرها ألف ألف تحيّة وسلام من كلب آستان توام يا علي مدد . ص 229.
6ـ وفي موسوعة طبقات الفقهاء ج 11 ص 65 : 3353 الطُّريحي ( 1005 - 1095 ه ) حسام الدين بن جمال الدين بن محمد علي بن أحمد الطُّريحي .... وروى عنه : السيد جابر بن طعمة الحسيني النجفي ، ومحمد جواد بن كلب علي الكاظمي.
7ـ وفي موسوعة طبقات الفقهاء ج 12 ص 219 : 3747 الكربلائي ( . . - حيا 1136 ه - ) علي بن الحسين الكربلائي ، الأصفهاني ، العالم الإمامي ، المتفنّن . كان من تلامذة محمد باقر بن محمد تقي المجلسي ، ذا معرفة واسعة بالعلوم الإسلامية . درّس في مدرسة مريم بيكم بأصفهان . وتلمذ عليه جماعة منهم كلب علي بن خان بابا الشريف الكرهرودي . . راجع الموسوعة ج 12 ص 374 .
8ـ 3864 محمد زمان التبريزي : ( . . - حدود 1131 ه - ) محمد زمان بن كلب علي التبريزي ، الأصفهاني ، أحد علماء الإمامية . درس على علماء أصفهان وروى عنهم ، ومن هؤلاء : محمد باقر بن محمد تقي... راجع الموسوعة ج13 ص 707 .
9 ـ أمين بن محمود بن كلب علي بن غلام علي الغفّاري ، وقيل الأسدي ، الكاظمي
( . . - قبل 1222 ه ) : فقيه إمامي وعالم جليل . بنى مدرسة ونهض بمسؤولياته في بث الأحكام وإحياء روح الإيمان بأساليب ناجعة تهفو إليها النفوس . وقد نجحت جهوده التبليغية والعلمية في جعل الكاظمية من الأماكن التي يقصدها طلَّاب العلم . وللمترجم شعر ، منه :
قف بالطفوف وسلها عن أهاليها
وطف بأرجائها والثم نواحيها
واستنشق الترب منها ، إنّ تربتها
فيها الشفاء ، وللأسقام تبريها
أعيان الشيعة 3 / 496 الكرام البررة 1 / 157 برقم 323
10 ـ وذكر محقق كتاب نور البراهين للسيد نعمة الله الجزائري ج1 ص 27 أن من تلاميذه : الحاج عبد الحسين بن الحاج كلب علي الكركري ، المتوفى سنة 1141 ه ق .
11ـ وجاء في كتاب كفاية الأصول حواشي المشكيني ج 5 ص501 : رياض المسائل ( حجري) : ( رياض المسائل في بيان الأحكام بالدلائل ) للسيد علي بن محمد بن علي الطباطبائي ( 1161 - 1231 ه ) في مجلدين طبع مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ( بخط كلب علي بن عباس القزويني سنة 1286 ( 1288 ه ) .
12ـ وقال السيد أحمد في تراجم الرجال ج1 ص448 : ( 830 ) المولى كلب علي الكرهرودي ( ق 12 - ق 13 ) كلب على بن خان بابا الشريف الكرهرودي كتب مجموعة فيها كتاب " سراج السالكين " للشيخ علي بن الحسين الكربلائي في سنة 1219 - 1220 مصرحا في آخره أن المؤلف شيخه وأستاذه ، والموضوعات الموجودة في هذه المجموعة تدل على أنه كان على جانب كبير من العلم والفضل والادب . ( ق 13 - بعد 1304 ) كلب علي بن العباس الشرندي القزويني أقام في طهران مدة متتلمذا في المعقول على المولى آقا علي الزنوزي وفي الفقه والاصول على الشيخ عبد الحسين شيخ العراقين الطهراني وكتب تقريرات أبحاث الثاني منهما في عدة من أبواب الفقه ، وتتلمذ في قزوين على الميرزا يحيى القزويني في الفقه والمولى صفر علي الرشتي وأقام بها مشتغلا بالوظائف الشرعية ومتوليا للامور الاجتماعية .
13ـ وفي الذريعة ج 9ق1 ص 177 : ( 1085 : ديوان تسليم سهسواني ) وهو محمد أنوار حسين . له تاج المدايح في مدايح كلب علي خان بهادر حاكم رامپور . أورد منها في ( روشن ص 133 ) . ( 2910 : ديوان شريف ورنو سفادرانى ) واسمه ملا محمد بن كلب علي الحجار ، من
قرية ورنوسفادران بأصفهان . الذريعة ج 9ق2 ص 524 . ( 1499 : رفيع الدرجات ) للمولى محمد حسين بن كلب علي التستري . فارسي فرغ من تأليفه 1220 أوله : [ حمد نامعدود وثناى نامحدود تحفهء بارگاه كبرياء عليم . . ] وهو في المواعظ والأخلاق وكانه تلخيص لعين الحياة للمجلسي . ( 888 : قلمية ) للمولا فتح الله بن أحمد بن محمود السبزواري ، فارسي في فاتحة وثلاث فصول ، أوله [ الحمد لله الذي انشاء من النقطة الوحدانية خطوط العقول على الترتيب والنظام . . . ] يوجد نسخة منه في ( الحقوق : 87 د ) بخط كلب علي بن كرم علي تاريخ كتابتها 1128 كما في فهرسها ( ص : 119 ) .
إذا التعبير بكلب علي تعبير مقبول في ثقافة الفرس ، وكان شائعاً من العلماء والفقهاء ولم ينكر ذلك علماء العرب مع اطلاعهم ومعرفتهم لما فيه من دلالة عرفية مناسبة في تلك الثقافة ، ومن الجهل التشنيع على الشيخ الوحيد وهو ابن ثقافته ويتحدث وفق بيئته ، وكان ينبغي على المتهجم عليه بدل أن ينتقده بأقبح الألفاظ ويحذر منه معتبراً عمامته عمامة غث وتنطوي على سواء أن يبين للحاضرين من المؤمنين مناسبة كلامه لثقافته وأن ذلك مستساغاً ، وفي التعبيرات المجازية والكنائية والتشبيهات تلحظ جهة المناسبة والملازمة العرفية لا جميع الجهات ، وإلا لكان واصف أمير المؤمنين ( عليه السلام) بأنه أسد الله أو القول بأنه كالأسد مهيناً له لأن الأسد حيوان لا عقل له فكيف يوصف به الأمير (عليه السلام) !.
الأمر الثالث : يحتمل في كلام الشيخ الوحيد ( أنار الله برهانه) احتمالان :
الأول : أنه في مقام الإخبار عن نفسه ( وعبر بالجمع فراراً من الأنا ) ولهذا قال : (والضمير هنا يعود لي شخصياً ) ، وهو لو كان مخبراً لم يكن ملاماً بل كان تعبيره صحيحاً موافقا للأدب والتذلل في محضر أولياء الله وفق ثقافته والمأنوس من لغته ، فهذا تذلل في محله كما أوضحنا .
فإن الشيخ - كما ظهر لمن لاحظ عبارته - كان في مقام التشبيه ولهذا قال : ( على نحو تبصبص الكلب ) وفي التشبيه ينظر إلى جهة التشبيه وهي هنا الإتباع والتفاني في خدمة السيد ورعايته ، ومقصوده أنا لسنا كالكلب من هذه الجهة فإن الكلب يقذفه صاحبه بالحجارة ويعود له ، فهو مجرب مجتاز في الوفاء للامتحان ونحن لم يقذفنا الإمام بالحجارة ، لم نخضع لامتحان الولاء والتفاني في خدمته .
ومن الواضح أنه في التشبيه تلاحظ الجهة الملحوظة فقط ويقيم التشبيه على أساسها وفق النظرة العرفية فمن قال لرجل أنت كالأسد لا يلام ويعتبر شاتماً له لأن الأسد حيوان لا عقل له ، وإنما يعتبر مادحاً إذا كانت الجهة الملحوظة البارزة في الأسد عرفاً هي الشجاعة .
الثاني : أن يكون في مقام بيان جملة شرطية حيث قال : ( كل ما بقي هو ذلك السيد ـ صاحب الزمان ـ وأي مولى هو .... اللهم إلا أن يتلطف علينا ببركة دم جده الحسين وإلا فلسنا حتى في مقام كلب مد على أعتاب دارهم ذراعيه وهز أمامهم ذنبه كلا فنحن أقل من كلب و أسوأ).
و من المحتمل جداً أن يكون مراده من العبارة التي قرأها المتهجم بيان أننا بدون تلطف الإمام (عليه السلام ) علينا لن نظفر بخير إذ بدون فضله ولطفه لن نكون حتى في مقام كلب ، وهذا المعنى صحيح وليس فيه توصيف ، فكل شخص يعلم بالله تعالى وعظيم حقه و يدرك عظم ما يصدره منه حتى لو كان سيئة في محضره تعالى يدرك أنه لولا شفاعتهم وفضلهم لكان من أهل النار لاستحقاقه لها بذنبه ، ومن كان من أهل النار سوف يتمنى أن يكون تراباً كما أخبر عن ذلك القرآن ، أي يرى التراب خيراً منه ، وهذا معنى عرفاني رفيع يتناسب مع جلالة قدر الشيخ (أنار الله برهانه ) فلو كان الاحتمال الأول فاسدا في نفسه ـ وليس كذلك ـ كان من المناسب حمل كلام الشيخ على الاحتمال الثاني وتوجه عبارته به فهو أهل للتوجيه إذ حسن الظن بالعلماء العظام يتناسب مع حسن الأدب والأخلاق العالية ، و هو الموقف الملائم للورع والتقوى والتقدم والحداثة وليس التوهين في مقامه والطعن فيه والإساءة إليه.
الأمر الرابع : إن المتهجم على الشيخ قال في كلامه :
(من هؤلاء المزايدون شو فاشلون يقول أحدهم يصف الحال واستعراض في الطرح (كل ما بقي هو ذاك السيد) يعني الخلف الباقي من آل محمد عليه الصلاة والسلام ( وأي مولى هو ) ... يقول هذا المتحدث (وإلا فلسنا حتى في مقام كلب مد على أعتاب دارهم ذراعيه وهز أمامهم ذنبه).
هذا منطق عالم !
هم يعني رادونه انقتل الحسين حتى نكون كلاب أو لنكون في أعلى درجات الشرف والكرامة ... شنهو قاعدين يسوون بينا ذوله سنين مرت عشر سنوات جايين نكملها في الحامع و أنا أقول مايزوا بين العمائم مايزوا بينها بعضها غث مطوية على السوء أما بعضها نتشرف بالغبار الذي يقع عليها لأنها تحمل العلم الصافي من منابعه وتتحرك من أجل الشرف والكرامة التي أرادها الحسين بن علي ... تريد تصير كلب تبصبص بذنبك براحتك بس لا تلصقها بأهل البيت أهل البيت لا يتشرفون بالكلاب ...).
وفي هذا الكلام وما بعده مجموعة من الإساءات منها :
1ـ أن الشيخ من المزايدين.
2ـ أن منطقه ليس منطق عالم.
3ـ أن الشيخ يزعم أن الأئمة يريدوننا نكون كلاب .
4ـ عمامته غث.
5ـ تنطوي على السوء .
6ـ الشيخ ليس كالعمائم التي يتشرف بغبارها يحمل علماً صافياً من منابعه.
7ـ أن الشيخ كالعمائم التي يتشرف بغبارها يتحرك من أجل الشرف .
8 ـ أن الشيخ كالعمائم التي يتشرف بغبارها يتحرك من أجل الكرامة التي أرادها الحسين عليه السلام .
9 ـ الشيخ يريد أن يكون كلباً يبصبص بذنبه ، مع أن الشيخ لم يقل يريد أن يكون كلباً يبصبص وإنما تحدث عن الوفاء بنحو التشبيه وفق ثقافته ، وبهذا يتضح أن استشهاد المتهجم برواية قول سيد الشهداء ( عليه السلام ) للشمر : (له بوز كبوز الكلاب) أجنبيه عن المقام لأن الكلام فيها تشبيه للكلب في العرف العربي في جهة الشكل ، بينما الشيخ يتكلم في التشبيه وفق العرف الفارسي في جهة الوفاء والإخلاص ، فهل يمكن أن نعترض على الحزب الديمقراطي الأمريكي لأنه وضع الحمار شعاراً وفق ثقافتنا العربية ! .
10 ـ الشيخ يريد يكون شيئاً لا يشرف أهل البيت ( عليهم السلام ) أن يلصق بهم ، وقد غاب عنه أن أهل البيت يشُرفون كل شيء ولا يتشرفون بالكلام وغيرهم من الخلق .
11ـ يقول : (لا يقبل على طائفة تمتهن كرامتها بعمامة ... مثل ياسر الحبيب و أضرابه ) ، وقوله هذا في سياق نقد الشيخ يدل على أنه يرى عمامته تمتهن الكرامة ومثل عمامة ياسر الحبيب ، فهذا ما يظهر لنا .
12 ـ يقول : ( شنهو يقف وراء هذا الشي هذا المسار الانحرافة الخطيرة رجال دين يعيشون الفقر المدقع في ثقافتهم المعاصرة ، ما يدرون وش يجري في الدنيا ).
13 ـ يقول : ( أكثر من موكب ضرب صدور على طريقة مايكل جكسن إلى ما عنده يرسل لي رقمه وأدز له ..... وهو هذا إلي يريده الحسين بس إذا الواحد الكبير يقول أنا كلب أريد أصير كلب أبصبص بذنبيه ... إي هذا خله يرقص هم مات ).
ولست أدري أين قال الشيخ ( أظهر الله برهانه ) أنه يريد يصير كلب ! وما ربط كلامه بالرقص في المواكب بالطريقة التي وصفها ! ولماذا هذه الطريقة الاستهزائية والتي قال بعدها بانه لا يتمسخر إلا بالعقليات العفنة !!
و كل هذه الإساءات بلا مبرر إذا الشيخ كما تقدم يتكلم وفق ثقافته ، وغرضه إن كان في مقام الإخبار التواضع في حضرة المعصوم وبيان التقصير في جهة التشبيه ، و ليس مقصودة المعنى الحقيقي لكلمة ( الكلاب) بلا إضافة ، وهل يتصور شخص لديه أدنى مرتبة من الوعي أن الشيخ ( أنار الله برهانه) يريد أن يكون كلباً يبصبص بذنبه كما حاول أن يصور المتهجم عليه !! وبهذا يتضح أن قول المتهجم ( طينتهم لا تنجب كلابا ) لا علاقة له بكلام الشيخ أصلاً فالشيخ يتحدث عن الوفاء بنحو التشبيه ، و ما ربط ذلك بإنتاج طينتهم (عليهم السلام) !
وأما إذا كان الشيخ ( أنار الله برهانه ) في مقام بيان شرطية ، وهي أننا بدون لطفهم لا شيء يذكر حتى بمستوى الكلب ، وهو محتمل في كلامه فالأمر أوضح .
والغريب أن المتهجم في محاضرة بعد محاضرة التهجم على سماحة الشيخ ( أظهر الله برهانه ) تكلم عن النقد وأهميته ، وأنه تلميذ الشيخ ويحترمه ومنه تعالم النقد ، و ليس من الصحراء بل من عائلة كذا وجده فلان وخاله فلان ، ولي على كلامه هذا عدة تعليقات:
التعليق الأول : يظهر أن صاحبنا عنده مشكلة في التمييز بين النقد وقاموس الشتائم والسباب ، ومع ذلك يقول هو لم يأت من الصحراء !!
النقد هو أن تقيم ما يذكر الشخص تقييماً علمياً لا أن تصفه بأنه مزايد وعمامته غث ومنطوية على السوء .....إلخ .
التعليق الثاني : إذا كان الشيخ أستاذ للمتهجم فالجرم أبشع وأقبح .
يقول الإمام السجاد ( عليه السلام ) في رسالة الحقوق ( وحق سائسك بالعلم التعظيم له والتوقير لمجلسه ... وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء ، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ولا تجالس له عدوا ولا تعادي له ولياً ).
وأين المتهجم عن هذا الأدب والخلق الرفيع ، فقد أظهر التوهين بدل التعظيم وذكره بسوء بدل أن يدفع عنه السوء ، ووصفه بأن عمامته تنطوي على سوء ، ولعل المتهجم يواجه مشكلة أيضاً في التمييز بين التعظيم والتوهين و المدح والذم كما يواجهها في التمييز بين النقد والشتم!
التعليق الثالث : هناك مثل يقول : ( ليس الفتى من قال كان أبي ) وفي بيت لطيف :
كن ابن من شئت واكتسب أدبا يغنيك محموده عن النسب
المتحضرون المتطورون غير الرجعيين لا يقيمون طرح الشخص وفكره بالاسم الموجود في بطاقته الشخصية أو كرت العائلة ، فذكر السلف المنتقل إلى فسحة القبور وعالم الضياء والنور ما عاد يساهم في قبول الأفكار في عالم التحضر والوعي ، فالمثقف الواعي يفهم أن قيمة المتكلم فيما يقول ، وليس كونه بن فلان أو بن أخت فلان من عواصم الفكر عن الخطأ وموجبات التقديس والإتباع ، نحن في عصر تكلم يعرف وزنك وحجمك أنت مطوي تحت لسانك ، و لو قلت ( أنا أنا ) من الآن إلى أن تصل نجران فلن يزيدك هذا إلا وهنا .
الأمر الخامس : كذب المتهجم على الشيخ ( أعلى الله مقامه ) ولعله لا يحسن القراءة وهذا هو سبب الخلل ، فقد نقل أن الشيخ قال ( وكلنا نحن أقل من كلب و أسوأ ) مع أن عبارة الشيخ هي : (كلا فنحن أقل من كلب ) وقد بين سابقاً كما نقلنا أنه يقصد نفسه لا غيره وقد يعبر بالجمع ويقصد المفرد ، ومراده من حيث خضوع الكلب للاختبار في اخلاصه وأمانته ونجاحه ، ووفائه لسيده حتى بعد أن يوميه بالحجارة وهذا من التذلل واتهام النفس في حضرة خلفاء الله تعالى .
والغرب أن المتهجم قال بعد ذلك : ( إلي ما يفهم كلامي يجيني إلي يبلغه الكلام وعنده استفهام يشرف صدري أوسع من بيتي 500 متر بس صدري أوسع ) وليته طبق ذلك مع من يقول أنه أستاذ وذهب إليه وطرح عليه اشتباهاته أو طلب منه أن يقرأ له العبارة لا أقلاً بالطريقة الصحيحة وأن المكتوب ( كلا) وليس ( كلنا) ، ولست أدري أي صدر واسع مع قاموس شتائم في قضية تعبيرية شخص فيها الشيخ وفق عرفه خلاف تشخيص المتهجم .
الأمر السادس : هو أن ما أرتكبه المتهجم مستنكر جداً بقطع النظر عن كون الشيخ ( أظهر الله برهانه) مصيباً في كلامه أو لا ، فإن غاية ما ينبغي أن يقال لو كان مخطئاً هو أن كلامه غير صحيح ويبين ذلك بعلم لا بالصراخ و الكلام الإنشائي الخالي من المحتوى العلمي ، فلو فرضنا أن طالب علم خالف السيد السيستاني ( دام مجده ) في فتوى جواز كشف الوجه ويراه غير مصيب في ذلك ، فهل يسوغ له أن يخطب عامة الناس ويشغلهم ويشغل المجتمع بقراءة روايات الغيرة والستر ويصرخ ويُفّزع ويضرب بيده المنصة مراراً ويتهجم على السيد السيستاني و يصفه بأبشع الأوصاف ليبرهن لنا بأنه متجدد ليس رجعياً وأن السيد السيستاني لا غيرة عنده !!
لهذا من الخلل أن ننشغل عن تجاوزه على مقام المرجعية والشيخ الوحيد دام مجده بالحديث عن صحة التشبيه بالكلب في بعض صفاته الحسنة أو لا ؟ وينبغي أن يكون لنا موقف واضح في هذه المسألة ، وإني شخصيا تشرف بزيارة المرجعية العليا في النجف الأشرف سماحة السيد السيستاني ( دام مجده وأظهر الله برهانه ) وقد أفادنا في فيوضاته شيئاً كثيراً عن أهمية المرجعية وتميزها ودورها في حفظ المذهب ، وتكلم عن ضرورة الدفاع عنها وثمّن جهود المدافعين ، وحذر من المرجفين والمشككين .
و في الحقيقة لا يوجد بيني وبين المتهجم على سماحة الشيخ الوحيد ( حفظه الله) عداوة شخصية ، وإني أرجو له الصلاح وأن يبصر طريق خيره جيداً ، وأحب له الخير كما أحبه لنفسي ، غير أني لا يمكنني السكوت عن تهجمه على مقام المرجعية بغير علم وتسويقه ذلك باسم النقد كما يسكت غيري خصوصاً مع طرح بعض المؤمنين ( أعزهم الله) السؤال علي ، ولا أظن أني بحاجة إلى توجيه حسن الدفاع عن مرجع الأمة ومقام المرجعية ، فهذا من فضول القول ، وارجو أن يتسع صدر المتهجم أكثر من ٥٠٠ متر لنقدي كما أرجو أن يكون نقدي بناء ينتفع به المؤمنون .
حيدر السندي .
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1610306432607712&id=100008851114857
السؤال : السلام عليكم شيخ حيدر اتصور بلغك تطاول بعض أئمة المساجد على الشيخ الوحيد ( دام ظله ) لأنه اعتبر نفسه كلب لأهل البيت (عليهم السلام) و قد علق بعض الطلاب العلم حول كلام الشيخ وهل هو مقبول أولا ولكن لم يصل لي تعليق لك فما تقول ؟
الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
كنت في أحد القروبات وهو يضم جملة من طلاب العلم وفيهم الفضلاء ، فطُرحت هذه القضية و نقل بعضهم عن سماحة العلامة السيد منير الخباز (حفظه الله) أنه أجاب بالتالي : إنه موافق للكناية المستخدمة في الأدب الفارسي من التذلل وهي كناية شائعة ومقبولة في خلفيتها ، نعم هي قبيحة في الأدب العربي ولكن لا يصح محاكمة كنايات ثقافة ولغة معينة وفق ثقافة أخرى .
والغريب أن مقام الشيخ الوحيد ( أنار الله برهانه ) لا ينكر و موقعيته فوق أن تُعرف وتُبين ، و أياديه الكريمة في خدمة الدين وطلاب العلم والمؤمنين لم تستثن موقعاً أو جهة أو فرداً إلا أن أغلب طلاب العلم أخذهم السكوت وبعضهم حاول إغلاق الموضوع دون إبداء أي إنكار مع أن ما وقع كان استخفافا واستهزاء بمرجع من المراجع الكبار ، ومن شخص عرف عنه ذلك كمنهج ، وباسلوب مجانب للأدب وضوابط الشرع ، ولا تقبله قيم التقدم والحضارة والوعي في نقد الآخر مهما كان طرحه مخالفاً ، ولكي لا نظلم الكل فهناك أفراد قليلون جداً أظهروا الاستياء والشجب ، و المقصر كاتب هذه الأسطر منهم حيث قلت مؤيداً لما نقل عن سماحة السيد المنير : جواب سماحة السيد منير لطيف جدا
وبعد ذلك بينت وجه تأييدي فقلت :
من الخطأ محاكمة شخص بعرف وثقافة مخالفة للثقافة التي يتكلم على وفقها ولعلنا نجد ذلك ماثلا في كلام نفس المتهجم على الشيخ الوحيد ( حفظه الله ) فإنه قال: ( يقول هذا المتحدث (وإلا فلسنا حتى في مقام كلب مد على اعتاب دارهم ذراعيه وهز أمامهم ذنبه ).
هذا منطق عالم !
هم يعني رادونه انقتل الحسين حتى نكون كلاب أو لنكون في أعلى درجات الشرف والكرامة ... شنهو قاعدين يسوون بينا ذوله سنين مرت عشر سنوات جايين نكملها في الحامع و أنا أقول مايزوا بين العمائم مايزوا بينها بعضها غث مطوية على السوء أما بعضها نتشرف بالغبار الذي يقع عليها لأنها تحمل العلم الصافي من منابعه وتتحرك من أجل الشرف والكرامة التي أرادها الحسين بن علي ... تريد تصير كلب تبصبص بذنبك براحتك بس لا تلصقها بأهل البيت أهل البيت لا يتشرفون بالكلاب ...).
وفي عبارته هذه ورد تعبير ( بعضها نتشرف بالغبار الذي يقع عليها ) فهل ابن آدم يتشرف بالغبار!! وهل في ذلك الكرامة التي كان المتحدث يصرخ بأعلى صوته مطالبا بها !! ومنافحا عنها !! هل قاتل المعصومون وجاهدوا واستشهدوا لنتشرف بالغبار!!
إن كلامه هذا لو عرض على شخص من خارج ثقافتنا و أراد أن يحاكمه وفق الدلالات الوضعية و ثقافته الخاصة لقال بأن المتحدث أولى بالأوصاف التي ساقها في الشيخ ( حفظه الله) منه لأن الشيخ تحدث عن كلب ، وهو عن غبار والغبار دون الكلب، في سلسلة الوجود ومراتبه.
كما أن الشيخ (حفظه الله) قال ذلك بالنسبة إلى أشرف الخلق والمتحدث بالنسبة إلى المعممين من غيرهم عليهم السلام.
وبهذا يحق لغير المأنوس بثقافتنا أن يخاطب المتهجم قائلاً : (تريد تتشرف بالغبار وتلطخ وجهك به وتتمسح براحتك بس لا تلصقها بأهل البيت أهل البيت لا يتشرفون بمن يتشرف بالغبار وإنما هم يردون منا صناع الحضارة ، نحول التراب والغبار إلى عالم متقدم في جمع مجالات الحياة لا أ، نقبع فوق العمائم نبحث عن حبة غبار هنا أو تراب هناك ) وغير ذلك من المزايدات التي تنطلي على البسطاء الذين لا يتجاوزون عذوبة اللفظ إلى قيمة المعنى .
ثم تعرضت إلى ما قد يقال من أن ذلك إذلالا للنفس فقلت :
وبهذا يتضح ما في اعتبار ذلك إذلالا ، فالخلاف صغروي يرجع إلى النظر العرفي وهو يختلف باختلاف الأعراف والثقافات وملاحظة من يُتذلل له فرب تذلل هو بنظر العرف من كمال الادب ومصداق لتعظيم الله وتعظيم الاولياء ، وكيف كان ما صدر من الشيخ (حفظه الله) لا يستوجب أن يقول المتحدث (أصلح الله حاله) في سياق الحديث عنه والرد عليه : (مايزوا بين العمائم مايزوا بينها بعضها غث مطوية على السوء).
وهنا أضيف عدة أمور :
الأمر الأول : هو أنه رب فعل أو لقب يكون بالنسبة إلى عرف وشخص حسنا وبالنسبة إلى عرف وشخص آخر قبيحا ، فمن يقبل يد أو رجل خادمه يعتبر مهيناً لنفسه وأما من يقبل يد أو رجل والدته ، ففي كثير من الأعراف فعله قمة البر والوفاء ويدل على سمو الروح بخصالها الحميدة ، والمعصوم هو أعظم شأناً وحقاً من الوالدة ولهذا قد يكون الفعل أو اللقب مهينا مع غيره وليس كذلك معه ، ولعل رواية ابن يقطين تبين ذلك جلياً :
ففي البحار ج 48 ص 85 : عن محمد بن علي الصوفي قال : استأذن إبراهيم الجمال رضي الله عنه على أبي الحسن علي بن يقطين الوزير فحجبه ، فحج علي بن يقطين في تلك السنة فاستأذن بالمدينة على مولانا موسى بن جعفر فحجبه ، فرآه ثاني يومه فقال علي بن يقطين : يا سيدي ما ذنبي ؟ فقال : حجبتك لأنك حجبت أخاك إبراهيم الجمال وقد أبى الله أن يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمال ، فقلت : سيدي ومولاي من لي بإبراهيم الجمال في هذا الوقت وأنا بالمدينة وهو بالكوفة ؟ فقال : إذا كان الليل فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك و غلمانك واركب نجيبا هناك مسرجا قال : فوافي البقيع وركب النجيب ولم يلبث أن أناخه على باب إبراهيم الجمال بالكوفة فقرع الباب وقال : أنا علي بن يقطين . فقال إبراهيم الجمال من داخل الدار : وما يعمل علي بن يقطين الوزير ببابي ؟ ! فقال علي بن يقطين : يا هذا إن أمري عظيم وآلى عليه أن يأذن له ، فلما دخل قال : يا إبراهيم إن المولى عليه السلام أبى أن يقبلني أو تغفر لي ، فقال : يغفر الله لك فآلى علي بن يقطين على إبراهيم الجمال أن يطأ خده فامتنع إبراهيم من ذلك فآلى عليه ثانيا ففعل ، فلم يزل إبراهيم يطأ خده وعلي بن يقطين يقول : اللهم اشهد ، ثم انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفر عليه السلام بالمدينة فأذن له ودخل عليه فقبله .
إن ما فعله إن يقطين لم يكن إذلالاً قبيحاً بل حسناً وترتب عليه قبول الإمام الكاظم (عليه السلام) له ، وذلك لأنه إذلال للنفاس أمام خليفة الله تعالى الذي أسجد الله له جميع صنوف الملائكة .
ومن ذلك ما نقل عن السيد الخميني ( رحمه الله) في 100 كلمة عرفانية 54- من أنه قال : من المؤسف جداً آلاف المرات أنّي قدمت إلى هذا العالم وأنا مستغرق في بحار هوى النفس، وملتصق بالأرض المادية، ومقيّد بالشهوات وأسير للبطن والفرج، وغافل عن عالم مُلك الوجود، وسكران بسكر الأنانية والذاتية. من المؤسف أني سأفارق هذا العالم، ولم أدرك شيئاً من محبّة الأولياء، ولم أفهم شيئاً أبداً من جذباتهم وجذواتهم ومنازلهم ومغازلاتهم، بل كان حضوري في هذا العالم حضوراً حيوانياً، وحركاتي حركات حيوانيةً وشيطانية. وعليه فسيكون موتي أيضاً حيوانياً وشيطانياً.
اللهمّ إليك المشتكى وعليك المعوّل. إلهي! أنقذنا بنور هدايتك، وأيقظنا من هذا النوم العميق، وخذ بأيدينا إلى عالم الغيب والنور ودار البهجة والسرور، ومحفل الأنس، والخلوة الخاصة بك.
http://www.almaaref.org/maarefdetails.php?id=12002&subcatid=1688&cid=507&supcat=48
فإن هذا التعبير من هذا العارف الكبير إذلال للنفس وتوهين لها ووصف بالحيوانية وبيان لتقصيرها في حضرة القدس تعالى ، وليس ذلك قبيحاً ، وإنما هو من تمام الوفاء والأدب كما لا يخفى على العارف بالله وأوليائه ، وأساليب التعبير العرفية ومعانيها المقصودة .
الأمر الثاني : هو أن وصف النفس بالكلب كان شائعاً جداً في ثقافة الفرس وعند بعض العلماء الأعلام لما فيه من ظهور عرفي في الوفاء وإذلال النفس للأولياء بالنحو الحسن عقلائياً ، وهنا سوف أنقل لك أخي السائل جملة من التسميات المشهورة :
1ـ كلب علي فقيه إمامي . له رسالة في صلاة الجمعة ، اختار فيها الوجوب مع وجود الفقيه الجامع للشرائط مستدلا بظواهر الآيات والأخبار الصحيحة ، واحتمل الطهراني اتحاده مع كلب علي الذي ألَّف للسلطان عباس الصفوي ( المتوفّى 1038 ه ) كتاب خلاصة التلخيص في المعاني والبيان وفرغ منه سنة ( 1007 ه ) ، واحتمل أيضا اتحاده مع كلب علي ابن نوروز علي التبريزي مؤلف رسالة تجويد القرآن . طبقات أعلام الشيعة 5 / 466 ، 467 الذريعة 15 / 78 برقم 513 ، و 3 / 373 برقم 1354 ، راجع موسوعة طبقات الفقهاء ج11ص 435
2ـ جاء في ترجمة : 3642 الكمرئي ( . . - 1115 ه - ) جعفر بن عبد اللَّه بن إبراهيم الحويزي الأصل ، الكمرئي الأصفهاني ، القاضي ، أحد أعلام الإمامية : وأخذ وروى عنه آخرون ، منهم : محمد رفيع بن فرج الجيلاني ، ومحمد أكمل البهبهاني ، ومحمد زمان بن كلب علي التبريزي .
موسوعة طبقات الفقهاء ج 12 ص 87 .
3ـ وقال محقق كتاب إرشاد الأذهان للعلامة الحلي حول كتابه الأبحاث المفيدة : الأبحاث المفيدة في تحصيل العقيدة . وهو في الكلام . ذكره المصنف في الخلاصة ، وفي الإجازة : الأبحاث المفيدة
في تحقيق العقيدة ، وقد شرحه الشيخ ناصر بن إبراهيم البويهي الأحسائي من أعلام القرن التاسع ، والحكيم الحاج ملا هادي السبزواري من أعلام القرن 13 .
من أهم نسخه : نسخة في المكتبة الوطنية في طهران ، ضمن المجموعة رقم 1946 ، كتبها محمد جواد بن كلب علي في سنة 1090 ، ذكرت في فهرسها 10 / 630 . راجع الإرشاد ج1 ص 68 .
4ـ وذكر محقق كتاب كشف اللثام في معرض بيان نسخ الكتاب : النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة آية الله العظمى السيد النجفي المرعشي العامة بقم تحت رقم 5664 ، ضمت بين دفتيها كتاب الطهارة ، كتبها محمد إبراهيم بن كلب علي الخوانساري ، واتفق الفراغ من نسخها في العشرين من شهر شعبان المعظم سنة أربع وستين ومأتين بعد الألف من الهجرة النبوية . رمزنا لها بالحرف ( م ) . راجع كشف اللثام ج1 ص 75.
5ـ وقال مقرر كتاب مطارح الأنظار : تم ما أفاده قدس سرّه في مسألة المجمل والمبين ولعمري نعم ما أفاد ممّا لم يسبقه ويتلوه الكلام في الأدلة العقلية حرّره العبد الحقير الفقير أقلّ الطَّلاب كلب علي القزويني في سنة 1307 من الهجرة النبوية وعلى هاجرها ألف ألف تحيّة وسلام من كلب آستان توام يا علي مدد . ص 229.
6ـ وفي موسوعة طبقات الفقهاء ج 11 ص 65 : 3353 الطُّريحي ( 1005 - 1095 ه ) حسام الدين بن جمال الدين بن محمد علي بن أحمد الطُّريحي .... وروى عنه : السيد جابر بن طعمة الحسيني النجفي ، ومحمد جواد بن كلب علي الكاظمي.
7ـ وفي موسوعة طبقات الفقهاء ج 12 ص 219 : 3747 الكربلائي ( . . - حيا 1136 ه - ) علي بن الحسين الكربلائي ، الأصفهاني ، العالم الإمامي ، المتفنّن . كان من تلامذة محمد باقر بن محمد تقي المجلسي ، ذا معرفة واسعة بالعلوم الإسلامية . درّس في مدرسة مريم بيكم بأصفهان . وتلمذ عليه جماعة منهم كلب علي بن خان بابا الشريف الكرهرودي . . راجع الموسوعة ج 12 ص 374 .
8ـ 3864 محمد زمان التبريزي : ( . . - حدود 1131 ه - ) محمد زمان بن كلب علي التبريزي ، الأصفهاني ، أحد علماء الإمامية . درس على علماء أصفهان وروى عنهم ، ومن هؤلاء : محمد باقر بن محمد تقي... راجع الموسوعة ج13 ص 707 .
9 ـ أمين بن محمود بن كلب علي بن غلام علي الغفّاري ، وقيل الأسدي ، الكاظمي
( . . - قبل 1222 ه ) : فقيه إمامي وعالم جليل . بنى مدرسة ونهض بمسؤولياته في بث الأحكام وإحياء روح الإيمان بأساليب ناجعة تهفو إليها النفوس . وقد نجحت جهوده التبليغية والعلمية في جعل الكاظمية من الأماكن التي يقصدها طلَّاب العلم . وللمترجم شعر ، منه :
قف بالطفوف وسلها عن أهاليها
وطف بأرجائها والثم نواحيها
واستنشق الترب منها ، إنّ تربتها
فيها الشفاء ، وللأسقام تبريها
أعيان الشيعة 3 / 496 الكرام البررة 1 / 157 برقم 323
10 ـ وذكر محقق كتاب نور البراهين للسيد نعمة الله الجزائري ج1 ص 27 أن من تلاميذه : الحاج عبد الحسين بن الحاج كلب علي الكركري ، المتوفى سنة 1141 ه ق .
11ـ وجاء في كتاب كفاية الأصول حواشي المشكيني ج 5 ص501 : رياض المسائل ( حجري) : ( رياض المسائل في بيان الأحكام بالدلائل ) للسيد علي بن محمد بن علي الطباطبائي ( 1161 - 1231 ه ) في مجلدين طبع مؤسّسة آل البيت عليهم السلام ( بخط كلب علي بن عباس القزويني سنة 1286 ( 1288 ه ) .
12ـ وقال السيد أحمد في تراجم الرجال ج1 ص448 : ( 830 ) المولى كلب علي الكرهرودي ( ق 12 - ق 13 ) كلب على بن خان بابا الشريف الكرهرودي كتب مجموعة فيها كتاب " سراج السالكين " للشيخ علي بن الحسين الكربلائي في سنة 1219 - 1220 مصرحا في آخره أن المؤلف شيخه وأستاذه ، والموضوعات الموجودة في هذه المجموعة تدل على أنه كان على جانب كبير من العلم والفضل والادب . ( ق 13 - بعد 1304 ) كلب علي بن العباس الشرندي القزويني أقام في طهران مدة متتلمذا في المعقول على المولى آقا علي الزنوزي وفي الفقه والاصول على الشيخ عبد الحسين شيخ العراقين الطهراني وكتب تقريرات أبحاث الثاني منهما في عدة من أبواب الفقه ، وتتلمذ في قزوين على الميرزا يحيى القزويني في الفقه والمولى صفر علي الرشتي وأقام بها مشتغلا بالوظائف الشرعية ومتوليا للامور الاجتماعية .
13ـ وفي الذريعة ج 9ق1 ص 177 : ( 1085 : ديوان تسليم سهسواني ) وهو محمد أنوار حسين . له تاج المدايح في مدايح كلب علي خان بهادر حاكم رامپور . أورد منها في ( روشن ص 133 ) . ( 2910 : ديوان شريف ورنو سفادرانى ) واسمه ملا محمد بن كلب علي الحجار ، من
قرية ورنوسفادران بأصفهان . الذريعة ج 9ق2 ص 524 . ( 1499 : رفيع الدرجات ) للمولى محمد حسين بن كلب علي التستري . فارسي فرغ من تأليفه 1220 أوله : [ حمد نامعدود وثناى نامحدود تحفهء بارگاه كبرياء عليم . . ] وهو في المواعظ والأخلاق وكانه تلخيص لعين الحياة للمجلسي . ( 888 : قلمية ) للمولا فتح الله بن أحمد بن محمود السبزواري ، فارسي في فاتحة وثلاث فصول ، أوله [ الحمد لله الذي انشاء من النقطة الوحدانية خطوط العقول على الترتيب والنظام . . . ] يوجد نسخة منه في ( الحقوق : 87 د ) بخط كلب علي بن كرم علي تاريخ كتابتها 1128 كما في فهرسها ( ص : 119 ) .
إذا التعبير بكلب علي تعبير مقبول في ثقافة الفرس ، وكان شائعاً من العلماء والفقهاء ولم ينكر ذلك علماء العرب مع اطلاعهم ومعرفتهم لما فيه من دلالة عرفية مناسبة في تلك الثقافة ، ومن الجهل التشنيع على الشيخ الوحيد وهو ابن ثقافته ويتحدث وفق بيئته ، وكان ينبغي على المتهجم عليه بدل أن ينتقده بأقبح الألفاظ ويحذر منه معتبراً عمامته عمامة غث وتنطوي على سواء أن يبين للحاضرين من المؤمنين مناسبة كلامه لثقافته وأن ذلك مستساغاً ، وفي التعبيرات المجازية والكنائية والتشبيهات تلحظ جهة المناسبة والملازمة العرفية لا جميع الجهات ، وإلا لكان واصف أمير المؤمنين ( عليه السلام) بأنه أسد الله أو القول بأنه كالأسد مهيناً له لأن الأسد حيوان لا عقل له فكيف يوصف به الأمير (عليه السلام) !.
الأمر الثالث : يحتمل في كلام الشيخ الوحيد ( أنار الله برهانه) احتمالان :
الأول : أنه في مقام الإخبار عن نفسه ( وعبر بالجمع فراراً من الأنا ) ولهذا قال : (والضمير هنا يعود لي شخصياً ) ، وهو لو كان مخبراً لم يكن ملاماً بل كان تعبيره صحيحاً موافقا للأدب والتذلل في محضر أولياء الله وفق ثقافته والمأنوس من لغته ، فهذا تذلل في محله كما أوضحنا .
فإن الشيخ - كما ظهر لمن لاحظ عبارته - كان في مقام التشبيه ولهذا قال : ( على نحو تبصبص الكلب ) وفي التشبيه ينظر إلى جهة التشبيه وهي هنا الإتباع والتفاني في خدمة السيد ورعايته ، ومقصوده أنا لسنا كالكلب من هذه الجهة فإن الكلب يقذفه صاحبه بالحجارة ويعود له ، فهو مجرب مجتاز في الوفاء للامتحان ونحن لم يقذفنا الإمام بالحجارة ، لم نخضع لامتحان الولاء والتفاني في خدمته .
ومن الواضح أنه في التشبيه تلاحظ الجهة الملحوظة فقط ويقيم التشبيه على أساسها وفق النظرة العرفية فمن قال لرجل أنت كالأسد لا يلام ويعتبر شاتماً له لأن الأسد حيوان لا عقل له ، وإنما يعتبر مادحاً إذا كانت الجهة الملحوظة البارزة في الأسد عرفاً هي الشجاعة .
الثاني : أن يكون في مقام بيان جملة شرطية حيث قال : ( كل ما بقي هو ذلك السيد ـ صاحب الزمان ـ وأي مولى هو .... اللهم إلا أن يتلطف علينا ببركة دم جده الحسين وإلا فلسنا حتى في مقام كلب مد على أعتاب دارهم ذراعيه وهز أمامهم ذنبه كلا فنحن أقل من كلب و أسوأ).
و من المحتمل جداً أن يكون مراده من العبارة التي قرأها المتهجم بيان أننا بدون تلطف الإمام (عليه السلام ) علينا لن نظفر بخير إذ بدون فضله ولطفه لن نكون حتى في مقام كلب ، وهذا المعنى صحيح وليس فيه توصيف ، فكل شخص يعلم بالله تعالى وعظيم حقه و يدرك عظم ما يصدره منه حتى لو كان سيئة في محضره تعالى يدرك أنه لولا شفاعتهم وفضلهم لكان من أهل النار لاستحقاقه لها بذنبه ، ومن كان من أهل النار سوف يتمنى أن يكون تراباً كما أخبر عن ذلك القرآن ، أي يرى التراب خيراً منه ، وهذا معنى عرفاني رفيع يتناسب مع جلالة قدر الشيخ (أنار الله برهانه ) فلو كان الاحتمال الأول فاسدا في نفسه ـ وليس كذلك ـ كان من المناسب حمل كلام الشيخ على الاحتمال الثاني وتوجه عبارته به فهو أهل للتوجيه إذ حسن الظن بالعلماء العظام يتناسب مع حسن الأدب والأخلاق العالية ، و هو الموقف الملائم للورع والتقوى والتقدم والحداثة وليس التوهين في مقامه والطعن فيه والإساءة إليه.
الأمر الرابع : إن المتهجم على الشيخ قال في كلامه :
(من هؤلاء المزايدون شو فاشلون يقول أحدهم يصف الحال واستعراض في الطرح (كل ما بقي هو ذاك السيد) يعني الخلف الباقي من آل محمد عليه الصلاة والسلام ( وأي مولى هو ) ... يقول هذا المتحدث (وإلا فلسنا حتى في مقام كلب مد على أعتاب دارهم ذراعيه وهز أمامهم ذنبه).
هذا منطق عالم !
هم يعني رادونه انقتل الحسين حتى نكون كلاب أو لنكون في أعلى درجات الشرف والكرامة ... شنهو قاعدين يسوون بينا ذوله سنين مرت عشر سنوات جايين نكملها في الحامع و أنا أقول مايزوا بين العمائم مايزوا بينها بعضها غث مطوية على السوء أما بعضها نتشرف بالغبار الذي يقع عليها لأنها تحمل العلم الصافي من منابعه وتتحرك من أجل الشرف والكرامة التي أرادها الحسين بن علي ... تريد تصير كلب تبصبص بذنبك براحتك بس لا تلصقها بأهل البيت أهل البيت لا يتشرفون بالكلاب ...).
وفي هذا الكلام وما بعده مجموعة من الإساءات منها :
1ـ أن الشيخ من المزايدين.
2ـ أن منطقه ليس منطق عالم.
3ـ أن الشيخ يزعم أن الأئمة يريدوننا نكون كلاب .
4ـ عمامته غث.
5ـ تنطوي على السوء .
6ـ الشيخ ليس كالعمائم التي يتشرف بغبارها يحمل علماً صافياً من منابعه.
7ـ أن الشيخ كالعمائم التي يتشرف بغبارها يتحرك من أجل الشرف .
8 ـ أن الشيخ كالعمائم التي يتشرف بغبارها يتحرك من أجل الكرامة التي أرادها الحسين عليه السلام .
9 ـ الشيخ يريد أن يكون كلباً يبصبص بذنبه ، مع أن الشيخ لم يقل يريد أن يكون كلباً يبصبص وإنما تحدث عن الوفاء بنحو التشبيه وفق ثقافته ، وبهذا يتضح أن استشهاد المتهجم برواية قول سيد الشهداء ( عليه السلام ) للشمر : (له بوز كبوز الكلاب) أجنبيه عن المقام لأن الكلام فيها تشبيه للكلب في العرف العربي في جهة الشكل ، بينما الشيخ يتكلم في التشبيه وفق العرف الفارسي في جهة الوفاء والإخلاص ، فهل يمكن أن نعترض على الحزب الديمقراطي الأمريكي لأنه وضع الحمار شعاراً وفق ثقافتنا العربية ! .
10 ـ الشيخ يريد يكون شيئاً لا يشرف أهل البيت ( عليهم السلام ) أن يلصق بهم ، وقد غاب عنه أن أهل البيت يشُرفون كل شيء ولا يتشرفون بالكلام وغيرهم من الخلق .
11ـ يقول : (لا يقبل على طائفة تمتهن كرامتها بعمامة ... مثل ياسر الحبيب و أضرابه ) ، وقوله هذا في سياق نقد الشيخ يدل على أنه يرى عمامته تمتهن الكرامة ومثل عمامة ياسر الحبيب ، فهذا ما يظهر لنا .
12 ـ يقول : ( شنهو يقف وراء هذا الشي هذا المسار الانحرافة الخطيرة رجال دين يعيشون الفقر المدقع في ثقافتهم المعاصرة ، ما يدرون وش يجري في الدنيا ).
13 ـ يقول : ( أكثر من موكب ضرب صدور على طريقة مايكل جكسن إلى ما عنده يرسل لي رقمه وأدز له ..... وهو هذا إلي يريده الحسين بس إذا الواحد الكبير يقول أنا كلب أريد أصير كلب أبصبص بذنبيه ... إي هذا خله يرقص هم مات ).
ولست أدري أين قال الشيخ ( أظهر الله برهانه ) أنه يريد يصير كلب ! وما ربط كلامه بالرقص في المواكب بالطريقة التي وصفها ! ولماذا هذه الطريقة الاستهزائية والتي قال بعدها بانه لا يتمسخر إلا بالعقليات العفنة !!
و كل هذه الإساءات بلا مبرر إذا الشيخ كما تقدم يتكلم وفق ثقافته ، وغرضه إن كان في مقام الإخبار التواضع في حضرة المعصوم وبيان التقصير في جهة التشبيه ، و ليس مقصودة المعنى الحقيقي لكلمة ( الكلاب) بلا إضافة ، وهل يتصور شخص لديه أدنى مرتبة من الوعي أن الشيخ ( أنار الله برهانه) يريد أن يكون كلباً يبصبص بذنبه كما حاول أن يصور المتهجم عليه !! وبهذا يتضح أن قول المتهجم ( طينتهم لا تنجب كلابا ) لا علاقة له بكلام الشيخ أصلاً فالشيخ يتحدث عن الوفاء بنحو التشبيه ، و ما ربط ذلك بإنتاج طينتهم (عليهم السلام) !
وأما إذا كان الشيخ ( أنار الله برهانه ) في مقام بيان شرطية ، وهي أننا بدون لطفهم لا شيء يذكر حتى بمستوى الكلب ، وهو محتمل في كلامه فالأمر أوضح .
والغريب أن المتهجم في محاضرة بعد محاضرة التهجم على سماحة الشيخ ( أظهر الله برهانه ) تكلم عن النقد وأهميته ، وأنه تلميذ الشيخ ويحترمه ومنه تعالم النقد ، و ليس من الصحراء بل من عائلة كذا وجده فلان وخاله فلان ، ولي على كلامه هذا عدة تعليقات:
التعليق الأول : يظهر أن صاحبنا عنده مشكلة في التمييز بين النقد وقاموس الشتائم والسباب ، ومع ذلك يقول هو لم يأت من الصحراء !!
النقد هو أن تقيم ما يذكر الشخص تقييماً علمياً لا أن تصفه بأنه مزايد وعمامته غث ومنطوية على السوء .....إلخ .
التعليق الثاني : إذا كان الشيخ أستاذ للمتهجم فالجرم أبشع وأقبح .
يقول الإمام السجاد ( عليه السلام ) في رسالة الحقوق ( وحق سائسك بالعلم التعظيم له والتوقير لمجلسه ... وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء ، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ولا تجالس له عدوا ولا تعادي له ولياً ).
وأين المتهجم عن هذا الأدب والخلق الرفيع ، فقد أظهر التوهين بدل التعظيم وذكره بسوء بدل أن يدفع عنه السوء ، ووصفه بأن عمامته تنطوي على سوء ، ولعل المتهجم يواجه مشكلة أيضاً في التمييز بين التعظيم والتوهين و المدح والذم كما يواجهها في التمييز بين النقد والشتم!
التعليق الثالث : هناك مثل يقول : ( ليس الفتى من قال كان أبي ) وفي بيت لطيف :
كن ابن من شئت واكتسب أدبا يغنيك محموده عن النسب
المتحضرون المتطورون غير الرجعيين لا يقيمون طرح الشخص وفكره بالاسم الموجود في بطاقته الشخصية أو كرت العائلة ، فذكر السلف المنتقل إلى فسحة القبور وعالم الضياء والنور ما عاد يساهم في قبول الأفكار في عالم التحضر والوعي ، فالمثقف الواعي يفهم أن قيمة المتكلم فيما يقول ، وليس كونه بن فلان أو بن أخت فلان من عواصم الفكر عن الخطأ وموجبات التقديس والإتباع ، نحن في عصر تكلم يعرف وزنك وحجمك أنت مطوي تحت لسانك ، و لو قلت ( أنا أنا ) من الآن إلى أن تصل نجران فلن يزيدك هذا إلا وهنا .
الأمر الخامس : كذب المتهجم على الشيخ ( أعلى الله مقامه ) ولعله لا يحسن القراءة وهذا هو سبب الخلل ، فقد نقل أن الشيخ قال ( وكلنا نحن أقل من كلب و أسوأ ) مع أن عبارة الشيخ هي : (كلا فنحن أقل من كلب ) وقد بين سابقاً كما نقلنا أنه يقصد نفسه لا غيره وقد يعبر بالجمع ويقصد المفرد ، ومراده من حيث خضوع الكلب للاختبار في اخلاصه وأمانته ونجاحه ، ووفائه لسيده حتى بعد أن يوميه بالحجارة وهذا من التذلل واتهام النفس في حضرة خلفاء الله تعالى .
والغرب أن المتهجم قال بعد ذلك : ( إلي ما يفهم كلامي يجيني إلي يبلغه الكلام وعنده استفهام يشرف صدري أوسع من بيتي 500 متر بس صدري أوسع ) وليته طبق ذلك مع من يقول أنه أستاذ وذهب إليه وطرح عليه اشتباهاته أو طلب منه أن يقرأ له العبارة لا أقلاً بالطريقة الصحيحة وأن المكتوب ( كلا) وليس ( كلنا) ، ولست أدري أي صدر واسع مع قاموس شتائم في قضية تعبيرية شخص فيها الشيخ وفق عرفه خلاف تشخيص المتهجم .
الأمر السادس : هو أن ما أرتكبه المتهجم مستنكر جداً بقطع النظر عن كون الشيخ ( أظهر الله برهانه) مصيباً في كلامه أو لا ، فإن غاية ما ينبغي أن يقال لو كان مخطئاً هو أن كلامه غير صحيح ويبين ذلك بعلم لا بالصراخ و الكلام الإنشائي الخالي من المحتوى العلمي ، فلو فرضنا أن طالب علم خالف السيد السيستاني ( دام مجده ) في فتوى جواز كشف الوجه ويراه غير مصيب في ذلك ، فهل يسوغ له أن يخطب عامة الناس ويشغلهم ويشغل المجتمع بقراءة روايات الغيرة والستر ويصرخ ويُفّزع ويضرب بيده المنصة مراراً ويتهجم على السيد السيستاني و يصفه بأبشع الأوصاف ليبرهن لنا بأنه متجدد ليس رجعياً وأن السيد السيستاني لا غيرة عنده !!
لهذا من الخلل أن ننشغل عن تجاوزه على مقام المرجعية والشيخ الوحيد دام مجده بالحديث عن صحة التشبيه بالكلب في بعض صفاته الحسنة أو لا ؟ وينبغي أن يكون لنا موقف واضح في هذه المسألة ، وإني شخصيا تشرف بزيارة المرجعية العليا في النجف الأشرف سماحة السيد السيستاني ( دام مجده وأظهر الله برهانه ) وقد أفادنا في فيوضاته شيئاً كثيراً عن أهمية المرجعية وتميزها ودورها في حفظ المذهب ، وتكلم عن ضرورة الدفاع عنها وثمّن جهود المدافعين ، وحذر من المرجفين والمشككين .
و في الحقيقة لا يوجد بيني وبين المتهجم على سماحة الشيخ الوحيد ( حفظه الله) عداوة شخصية ، وإني أرجو له الصلاح وأن يبصر طريق خيره جيداً ، وأحب له الخير كما أحبه لنفسي ، غير أني لا يمكنني السكوت عن تهجمه على مقام المرجعية بغير علم وتسويقه ذلك باسم النقد كما يسكت غيري خصوصاً مع طرح بعض المؤمنين ( أعزهم الله) السؤال علي ، ولا أظن أني بحاجة إلى توجيه حسن الدفاع عن مرجع الأمة ومقام المرجعية ، فهذا من فضول القول ، وارجو أن يتسع صدر المتهجم أكثر من ٥٠٠ متر لنقدي كما أرجو أن يكون نقدي بناء ينتفع به المؤمنون .
حيدر السندي .
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1610306432607712&id=100008851114857
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق